الأزمة الاقتصادية العالمية

جربت بعض الدول العربية وغير العربية الاقتصاد الاشتراكي والماركسي و مازالت بعض الدول للآن تعمل به 

غير أن هذا الأسلوب الاقتصادي أثبت فشله في بناء اقصاد قوي لتلك الدول ومما أدى إليه ايضا تفكك بعض الدول


ثم ظهر لنا الاقتصاد الرأسمالي والذي انخدع به كثير من بني جلدتنا حتى جعلوه سبب تحضر تلك الدول الغربية

نحن لا ننكر أن تلك الدول سبقتنا ( علمياً و مدنياً وصناعياً واقتصادياً ..).

ولكنها أهملت جانب الأخلاق في كل تلك المجالات حتى صرنا نرى الرجل يدهس على الطريق في وسط الشارع ولا يلتفت إليه أحد

و من خلال الممارسات الاقتصادية الرأسمالية يتضح لنا كيف أن تلك السياسات كانت تلغي جانب الأخلاق في التعاملات المالية ، فقد كان الطمع والغبن والغش هو الطابع الأساسي لتلك التعاملات

وكانت سنة الله في الأرض هي النتيجة الحتمية لتلك الأنظمة

و في محاولة لبيان الشعرة التي قصمت ظهر البعير في الاقتصاد الرأسمالي لنرى كيف جاءت هذه الضربة الاقتصادية لتجعل هذا النظام الاقتصادي يترنح يوشك أن يتهاوى


………

( شرح الأزمة منقول بتصرف من مقال للشيخ هتلان علي الهتلان – قاضي بالمحكمة الجزائية في الخبر – السعودية )

قامت البنوك بإقراض العملاء حتى الأفراد الذين كانوا لا يستطيعون الحصول لى قرض لشراء مسكن لمحدودية الدخل الشهري 

وهو ما جعل الناس ينكبون على هذا الاقتراض وبفائدة ربوية عالية مع إغراء العميل بتخفيض أسعار الفائدة في المدة الأولى 

ومع استمرار أسعار البيوت في الارتفاع قامت البنوك بإغراء العملاء المقترضين بإمكانية تحقيق أرباح مجزية حيث إن بيوتهم أصبحت قيمتها أكثر من القيمة المشتراة فقدمت لهم قروضاً أخرى مقابل رهن جزء من البيت.

إلا أن العملاء لم يدركوا خطورة العقد وما تضمنه من غرر كبير وغبن فاحش بأن أسعهار الفائدة متغيرة وليست ثابتة حيث إنها تكون منخفضة في البداية ثم ترتفع مع الزمن وهناك فقرة تقول ( إن أسعار الفائدة سترتفع كلما رفع ( البنك المركزي ) أسعار الفائدة وهناك فقرة أخرى تقول ( إذا تأخر عن دفع أي دفعة فإن أسعار الفائدة تتضاعف بنحو ثلاث مرات . والأهم من ذلك أن ( المدفوعات الشهرية خلال السنوات الثلاث الأولى تذهب كلها سداد لفوائد .


وهذا يعني أن المدفوعات لا تذهب إلى ملكية جزء من البيت إلا بعد مرور ثلاث سنوات.


وبعد أشهر رفع البنك المركزي أسعار الفائدة الربوية فارتفعت الدفعات الشهرية ثم ارتفعت مرة أخرة بعد مرور عام كما نص العقد فعجز أكثر المقترضين عن السداد وتأخروا فتراكمت عقوبات إضافية وفوائد على التأخير ثم توقفوا عن الدقع وهو ما جعل النبك يستولي على العقار ويضطر المقترض إلى بيع البيت ويستوفي أقساطه المجحفة . فتفاقمت المشكلة وانتشرت وأدت في النهاية إلى انهيار أسواق العقار.


وإن أرباح البنك الذي قدم قرضا للعملاء يجب أن تقتصر على صافي الفوائد التي يحققها من هذا القرض ولكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد فقد قام البنك ببيع القرض على شكل سندات لمستثمرين بعضهم من دول الخليج بل من جميع أنحاء العالم وحتى حكومات الدول استثمرت في هذه السندات.

وأُخذت عمولة ورسوم خدمات منهم وهو ما يعني أن البنك كسب كل ما يمكن أن يحصل عليه من عمولات وحوّل المخاطر إلى المستثمرين.

المستثمرون الآن يملكون سندات مدعومة بعقارات ويحصلون على عوائد مصدرها مدفوعات المقترضين البؤساء الشهرية، وهذا يعني أنه لو أفلس المقترضون – وهذا ما حصل – فإنه يمكن أخذ البيت وبيعه لدعم السندات، ولكن هؤلاء المستثمرين رهنوا هذه السندات بوصفها أصولاً مقابل ديون جديدة للاستثمار في شراء مزيد من السندات. نعم استخدموا ديوناً للحصول على مزيد من الديون

والمشكلة أن البنوك تساهلت كثيراً في الأمر إلى درجة أنه يمكن استدانة 30ضعف كمية الرهن.

وقام البنك بتحويل الدين بجزء منها وقام ببيع الباقي إلى صناديق تحوط وصناديق سيادية في أنحاء العالم كافة.

فكل من العميل والبنك التجاري والبنك الاستثماري يعتقد أنه يملك البيت والمستثمرون يعتقدون أنهم يملكون سندات لها قيمة لأن هناك بيتاً في مكان ما يدعمهم.


و القصة لم تنتع بعد فبما أن السندات السوقية وعوائدها تعتمد على تقييم شركات التقييم لهذه السندات بناء على قدرة المدين على الوفاء فإنه ليست كل السندات سواسية ولتلافي المشكلة قامت البنوك بتعزيز مراكز السندات عن طريق اختراع طريق جديدة للتأمين بحيث يقوم حامل السند بدفع رسوم تأمين شهرية كي تضمن له شركة التأمين سداد قيمة السند إذا أفلس البنك أو صاحب البيت وهو الأمر الذي شجع المستثمرين في أنحاء العالم على اقتناء مزيد من هذه السندات التي سميت فيما بعد بـ ( السندات المسمومة ).


وفي النهاية لما توقف المقترضون عن سداد الأقساط لارتفاع سعر الفائدة فقدت السندات قيمتها وأفلست البنوك الاستثمارية وصناديق الاستثمار المختلفة . أما الذين اشتروا تأمنياً على سنداتهم فإنهم حصلوا على قيمتها كاملة، فنتج عن ذلك إفلاس شركة التأمين ( أي آي جي )


وأجبرت عمليات الإفلاس البنوك على تخفيف المخاطر عن طريق التخفيض في عمليات الإقراض، وهو الأمر الذي أثّر في كثير من الشركات الصناعية وغيرها التي تحتاج إلى سيولة لإتمام عملياتها اليومية وبدأت بوادر الكساد الكبير بالظهور وهو ما أجبر الحكومة الأمريكية على زيادة السيولة عن طريق ضخ كميات هائلة لإنعاش الاقتصاد الذي بدأ يترنح تحت ضغط الديون للاستثمار في الديون لذا وقع الانهيار الكبير للاقتصاد الرأسمالي الليبرالي وأفلس أكثر من 1000 بنك في أمريكا من بينها أكبر البنوك والتي يزيد عمر بعضها عن 150 سنة

وبذلك نال هذا الانهيار أكثر دول العالم على نسب متفاوتة فأفلست بنوك كبيرة في بريطانيا والمانيا وبلجيكا وهولندا وفرنسا وغيرها.

( انتهى )

……………………………….

و كانت نتائج هذه الأزمة من أهم الأسباب التي زادت اهتمام العالم الأوروبي والغربي بشكل عام بدراسة التعاملات الإسلامية ، حتى أن بعض الجامعات البريطانية استحدثت أكثر من خمس تخصصات تخص الدراسات المالية الإسلامية

وأكثر ما يميز اسس التعاملات المالية وغير المالية الإسلامية هو نظرها للصالح العام كمقام أول ثم منعها للربا و اعتباره من أكبر الكبائر لما فيه من استغلال الكبار للصغار ومن استغلال القوي للضعيف و استغلال أزمة وقلة دخل محدودي الدخل 

و بيع ما لا يملك الشخص كما اتضح من طريقة التعاملات البنكية السابقة الذكر 

وما تحتويه تلك العقود الربوية من غبن وغش للعميل وللمستثمرين